كشري بلا طعم وكوسا بلا دم .. الطماطم بين ضيق الحال وجشع التجار



جنون أسعار الطماطم

في جولة داخل احد أسواق الخضروات رصدنا حركة جيدة على شراء اغلب أنواع السلع، إلا أن تلالا من الطماطم بقيت على حالها لم يتجرأ احد على شرائها، وهكذا الحال في اغلب أسواق مصر.

أم محمود " 43 عاما"  تذهب كعادتها كل صباح لشراء احتياجاتها اليومية إلا أن جنون الأسعار جعلها تتجنب بعض السلع أو حتى الطلب من زوجها زيادة نفقات البيت خوفا من أن يكون مصيرها مثل عايدة "شهيدة الطماطم" التي قتلها زوجها بسوهاج بسبب الغلاء الفاحش للسلع الذي أنهك ذوي الدخل المحدود.
 وشهدت أسعار الخضروات و الفاكهة في مصر ارتفاعات جنونية طالت سلع أساسية مثل الطماطم التي وصل سعر الكيلو منها إلى 10 جنيهات وفي بعض المناطق إلى 15 جنيها بعد أن كان لا يتعدى جنيهين وهو ما أرجعته الحكومة المصرية إلى ارتفاع درجات الحرارة هذا الصيف التي أدت إلى انخفاض الإنتاجية وتعرضها للتلف خلال عملية النقل.
وذكرت أم محمود من حي "الكيت كات"، أحد الأحياء الشعبية في القاهرة، أن أسعار السلع ارتفعت بصورة جعلتها غير متاحة للفئات الفقيرة والمتوسطة، وقالت إن الطماطم تدخل في أغلب المأكولات المصرية الشهيرة، كالكوسا والمحاشي والكشري والبامية غيرها،  ورغم ذلك اتجهنا لبدائل كثيرة بهدف التوفير.
صرخ أحد المتسوقين: "تصور كشري بدون طماطم ، منهم لله ده الكشري ما بيتكلش الأيام دية". وأضاف: "دي الطماطم بنعملها مع كل حاجة وبتعوضنا عن الكثير يعني لا لحمة ولا طماطم كمان".
وأكدت أم محمود إنها أخذت عهدا على نفسها بعدم شراء الطماطم مرة أخرى حتى تعود إلى أسعارها الطبيعية بعيدا عن جشع بعض التجار الذين جنوا مكاسب خيالية.
وكان مجلس الوزراء اتخذ قرارات لمواجهة ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، ومنها فتح باب استيراد وتوفير السلع البديلة، مثل صلصة الطماطم، في فترة ارتفاع الأسعار.


كشري بدون طماطم

وقامت المجمعات الاستهلاكية التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، بطرح الطماطم بسعر 5 جنيهات للكيلو، وهو ما يعد انخفاضا بنسبة أكثر من 50% عن السعر الذي يباع به في السوق الحر.

ورغم ذلك أكدت أم محمود أن الـ 5 جنيهات للكيلو يبقى سعرا مرتفعا وليس باستطاعتي أنا وغيري شراءه، وأضافت أن الاستغناء عن الطماطم خير لنا من زيادة الأعباء اليومية التي أرهقت كاهلنا، وتعجبت من عدم قدرة الحكومة على حل مشاكل ارتفاع الأسعار بما يتناسب مع الأوضاع المعيشية للناس.
وذكر الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد ومستشار إتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية في تصريحات خاصة لشبكة الإعلام العربية "محيط" أنه لا يوجد حل لأزمة الطماطم سوى رجوع درجات الحرارة إلى معدلاتها الطبيعية فنحن في شهر أكتوبر ودرجة الحرارة تصل إلى 40 درجة مئوية وهو جو يتسبب في فساد المحاصيل، وقال إن تطوير وتحديث منظومة التجارة الداخلية من نقل وتخزين وغيره ستقلل من ارتفاع الأسعار بصورة ملحوظة.
من ناحيته، رفض سعيد الألفي رئيس جهاز حماية المستهلك تطبيق التسعيرة الجبرية مرجعا ذلك إلى أن هذه التسعيرة ستؤدي إلى اختفاء السلع من جهة ووجود سوق سوداء أو سوق موازية لهذه السلعة من جهة أخرى، مشير إلى أن الجهاز لا علاقة له بالرقابة علي أسعار السلع، نافيا قدرته علي أن يتدخل في تحديد سعر أي سلعة أو خدمة.


ممدوح الولي

وأكد ممدوح الولي الخبير الاقتصادي ورئيس القسم الاقتصادي بالأهرام لـ "محيط" أنه حسب للقانون المصري فإن جهاز حماية المستهلك ليس له علاقة بالتسعيرة الجبرية فمهمته هي التأكد من جودة السلع فقط.

وطالب الأجهزة الرقابية التابعة لوزارة التجارة بوضع تسعيرة جبرية على المنتجات التي ستواصل الارتفاع خاصة وأن الحكومة لم تبدأ بحل الأزمة بل تقوم بعمل مسكنات من خلال فتح باب الاستيراد الذي يقضي على المنتج المصري.
وذكرت الأرقام الرسمية أن معدل التضخم في مصر خلال شهر سبتمبر الماضي سجل 11.7% مقارنة بشهر سبتمبر 2009،  وبلغ التغيير السنوي لقسم الطعام والمشروبات 21.3%.
وقال الولي إن تلك الأرقام لا تعبر عن الوضع الحقيقي في السوق حيث أن مؤشر الأسعار الرسمي يقوم بقياس السلع الثابتة التي لا تحدث بها تغيرا في أسعارها مثل رغيف العيش المدعم وأسعار الزيت والسكر والأرز المدعم على البطاقة التموينية وعلى الجانب الأخر تشهد السلع التي تباع في الأسواق موجات تضخمية بصورة سريعة.
وأشار إلى أنه لا توجد جهة مصرية مخولة باحتساب معدلات التضخم بل هي مقتصرة على الأجهزة الحكومية فقط التي تمتلك الإمكانيات والشرعية لعمل الاستقصاء اللازم وهو ما يضع الحكومة في موضع احتكار للمعلومة.
 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyright © 2011. كورة يوم بيوم - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website Published by Mas Template
Proudly powered by Blogger